الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فنحن ننتمي إلى الإسلام، وهذا الانتماء هو الذي شرفنا الله - تبارك وتعالى- به وسمانا به . ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - هو إمام الدعاة، وهو القدوة والأسوة والداعية المعلم الذي أمر الله تبارك وتعالى باقتفاء نهجه،
وأن نقتدي به في عبادتنا ودعوتنا وخلقنا ومعاملاتنا وجميع أمور حياتنا، قال تعالى: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" [يوسف:108]، وقال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب:21]
القدوة مصطلح جميل يدل على التمسك بالخلق الحسن والفعل المحبب لله ثم للناس فكم من أناس كان لهم قدوة في الحياة أثرة فيهم وسلكوا مسلكهم وأكبر قدوة لنا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
فإذا كان الإنسان متمسكاً بالخلق الحسن والبعد عن المعاصي كان أسوة حسنة للدعوة بأفعاله وأقواله وسلك مسلكاً إلى قلوب الناس لتقبله والاستماع إليه.
إن من الوسائل المهمة جدًا في تبليغ الدعوة، وجذب الناس إلى الإسلام، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه؛ القدوة الطيبة للداعي، وأفعاله الحميدة، وأخلاقه الزاكية مما يجعله أسوة حسنة لغيره؛ فيقبلون عليه، لأن التأثر بالأفعال والسلوك أبلغ وأكثر من التأثر بالكلام وحده.
فالقدوة الحسنة التي يحققها الداعي بسيرته الطيبة هي في الحقيقة دعوة عملية للإسلام، يستدل بها سليم الفطرة راجح العقل من غير المسلمين على أن الإسلام حق من عند الله.
فيجب على كل فرد يحمل هم الدعوة إلى الله أن يكون قدوة حسنة كي يستمع الناس إليه ويتقبلوه عليه أن يفعل هو بما يقول لا أن يدعوا وهو مخالف لما يدعوا له فالقدوة الحسنة المتمسكة بالفضائل تعطي الآخرين شعوراً بأنه أمر ممكن وفي متناول قدرات الإنسان وأن غياب القدوة في حياة الإنسان عامل أساسي في انتشار الجهل والمنكرات وذلك لأن الإفراد القائمين بدين الله هم في الحقيقة دعاة ينشرون الحق بأفعالهم فكلما ازدادت القدوة الحسنة انتشر العلم واختفت المنكرات.
ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم"صلوا كما رأيتموني أصلي"(رواه البخاري.انظر:صحيح البخاري مع الفتح رقم631و6008)والفتح(2/111)(10/438)
يقول ابن تيمية رحمه الله :"وإنما ينفع العبد الحب لله لما يحبه الله من خلقه كالأنبياء والصالحين؛لكون حبهم يقرب إلى الله ومحبته,وهؤلاء هم الذين يستحقون محبة الله لهم"
وعلى ذلك فإن كل مسلم ومسلمة عرف طريق الحق وسلكه أن يجاهد نفسه ليقترب إلى الله ما أستطاع.
ومن مقومات القدوة الإخلاص والاستقامة على الإيمان والعمل الصالح وحسن الخلق والصدق والصبر وتحمل الأذى.
فلنتأمل سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لعلها تكون زادنا إلى الله والدار الآخرة وسيرة أسلاف من الصالحين والعابدين من رجال ونساء .
كي ندعو إلى الله بصدق ونكون مثالاً حسناً وطريقاً إلى قلوب الناس.
جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية
قسم الدعوة والاحتساب